قال تعالى: (وما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون، إنهم عن السمع لمعزولون) (الشعراء 210 212). عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي، فإذا حفظوا الكلمة زادوا فيها تسعاً، فأما الكلمة فتكون حقاً، وأما ما زادوا فتكون باطلاً، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم نعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: هذا لأمر قد حدث في الارض، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي بين جبلين، فاتوه فأخبروه، فقال: هذا الأمر الذي قد حدث في الارض. وقال أبو عوانة عن ابي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قالك انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليه الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: مالكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب!
فقالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الارض ومغاربها. فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو بنخل عامين إلى سوق كعاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الصبح، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً) (الجن 1-2).
فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) (الجن 1).
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: إنه لم تكن قبيلة من الجن إلا ولهم مقاعد للسمع، فإذا نزل قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون في السماء قالوا الحق وهو العلي الكبير، وإن كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب أو موت أو شيء مما يكون في الارض، تكلموا به فقالوا: يكون كذا وكذا، فتسمعه الشياطين فينزلونه على أوليائهم، فلما بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم دحروا النجوم فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة، وذا الإبل ينحر كل يوم بعيراً، فأسرع الناس في أموالهم، فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوان فإن كانت النجوم التي يهتدون بها، وإلا فإنه لأمر حدث، فنظروا فإذا النجوم التي يهتدي بها كما هي لم يزل منها شيء، فكفوا وصرف الله الجن، فسمعوا القرآن، فلما حضروه قالوا: أنصتوا. وانطلق الشياطين إلى إبليس فأخبروهن فقال: هذا حدث الارض، فأتوني من كل أرض بتربة، فأتوه بتربة تهامة، فقال: هنا الحدث.